النساء السوريات قادرات على تحمل المسؤولية
رهف الإدلبي
هل يمكن للأحداث الجارية في سوريا أن تقضي على أحلامنا؟ أم أنها ستكون الدافع الذي يمنحنا القوة ونتغلب على الصعوبات لنحقق النجاح الذي نريد مهما اشتدت الأزمات وزادت العوائق لنصل للمستقبل المشرق بعد هذا الظلام؟ سؤال يلحّ على السيدة “سناء حسن العلي” إحدى النساء السوريات اللواتي عانين من الظروف المأساوية التي حلت بسوريا.
سناء من بلدة بريف إدلب الجنوبي، مواليد 1980، تمتلك الشهادة الثانوية فقط. توفي زوجها عام 2012 بعد إصابته بطلقة قناص، وتروي سناء قصتها قائلة: “بعد وفاة زوجي أغلقت كل الأبواب في وجهي وأظلمت الدنيا في عيوني، لم أكن أتوقع يوماً أن أفقد زوجي الذي هو سندي الوحيد، لقد رحل عني وترك لي ثلاثة أولاد صغار يحتاجون إلى كثير من الوقت والجهد والمال ليعتمدوا على أنفسهم، وخاصة في ظروف الحرب الجارية في سوريا والضغط النفسي والاجتماعي والاقتصادي علينا”. وتابعت: “بعد مرور سنة تقريباً، أعلنت منظمة سداد في مدينة كفرنبل عن دورة تمريض مدتها ثلاثة أشهر، شجعني والدي عل الالتحاق بها كونها مهنة مهمة، وفعلاً التحقت وكنت مصممة على أن انجح وأكون من الأوائل في هذه الدورة آملة أن أحصل على شهادة تمريض تخولني الحصول على وظيفة أعيل بها أطفالي. كنا مجموعة من الفتيات، أصبحنا كعائلة واحدة، وتميزت عنهن بحبي للشعر وكتابة القصص والروايات، وبعد انتهاء مدة الدورة لم أحصل على وظيفة، مع العلم أنني لم أوفر أي جهد في التقدم لكثير من الشواغر، وكان الإحباط واليأس يسيطران عليّ، وفجأة راسلتني أحد زميلاتي بدورة التمريض وأخبرتني أن إحدى المجلات تريد التعاقد مع كاتبات ومحررات صحفيات، فقمتُ بالتقديم، وتم قبولي مقابل أجر ضئيل، ولكنني كنت سعيدة جداً، وعندما تعرفت على مديرة المجلة وسمعت قصتي أصبحت تتعاطف معي كثيراً وتسعى لتحسين دخلي المادي، وأخبرتني أنه ستقام دورة إعلام في المجلة، وأنها رشحت اسمي ضمن هذه الدورة، واستفدت كثيراً منها وأصبحت عندي معلومات وخبرة كبيرة بالمجال الإعلامي”.
كانت الدورة نقلة نوعية مميزة في حياة سناء، وشعرت بعدها أنها قادرة على كتابة المقالات والقصص والروايات بحرفية ومهارة وجودة عالية، وأصبحت تكتب من ثلاث إلى أربع مقالات في الشهر الواحد، تقول سناء: “العمل الصحفي لم يمنعني من حضور بعض الدورات التدريبية في بعض المجالات، مثل الدعم النفسي وحماية الطفل وتحرير المحتوى، وآخرها كانت دورة إعلامية أقامتها إحدى المنظمات العاملة في الشمال السوري، واستمرت لستة أشهر في مدينة معرة النعمان، وبعدها حالفني الحظ بالحصول على عمل في وكالة سورية، وخضعت لبعض التدريبات الأولية مثل طريقة التصوير بالكاميرات المتطورة، وكان أول اختبار لي هو تغطية مظاهرة في مدينة معرة النعمان، كنتُ متوترة جداً وخائفة من الفشل، وعند العودة من التغطية كان التصوير ناجحاً جداً”. وتتابع: “نعم، لقد تخطيت كل العوائق التي واجهتها وكنت سعيدة جداً بالحصول على الوظيفة والراتب الشهري، وأصبحت أعتمد على نفسي في التحرير والتصوير الإعلامي وبدأ المردود المادي يزداد شيئاً فشيئاً، وكانت هناك بعض الصعوبات مثل التنقل بين المناطق التي سيتم تغطية بعض الأحداث فيها ولكن هذا الأمر لم يقف عائقا ً أمامي”.
وتختم: “الإعلام شيء رائع جداً وضروري في جميع الأحيان، وخاصة في ظروف الحرب الدائرة في سوريا، حيث كان دخول الصحافة والإعلام العالمي إلى سوريا أمر ممنوع وغير مسموح به، وأنه لا بد من وجود صحفيين وإعلاميين من الداخل السوري لتغطية الأحداث التي تحصل في سوريا، ونقل الصورة والخبر للعالم الخارجي. نعم لقد أثبتنا للعالم أن النساء السوريات قادرات على تحمل المسؤولية والنجاح في جميع الظروف، أشكر كل من ساهم في نجاحي ونجاح الإعلاميات والصحفيات في بلدي الحبيب سوريا”.