رواندا من جحيم الإبادة ….إلى ذروة التنمية
العدالة الانتقالية أساسية للانتقال لمستقبل لا يحمل معه الإرث الدموي من الماضي
تاريخيا لم تفشل العدالة الانتقالية في تجارب متعددة حول العالم ومن هنا تكمن أهميتها لمستقبلنا السوري
من الأمثلة الناجحة التي حققت من خلالها آليات العدالة نقلة تنموية في كافة المجالات جمهورية رواندا
روندا البلد الفقير في وسط أفريقيا نال استقلاله في ستينيات القرن الماضي دخل بعدها مباشرة في مرحلة من الصراع الداخلي العرقي والقبلي
بلغ هذا الصراع أوجه منتصف عام 1994 في أفظع صور الإبادة حيث قتل ما يقارب من مليون شخص خلال 100 يوم
قبيلة الهوتو الحاكمة في ذلك الوقت نفذت أكبر عملية إبادة جماعية بحق كل من ينتمي لأقلية قبيلة التوتسي في ظل صمت وسكوت عالمي وأمام مرآه
لجأ أفراد التوتسي ممن نجى من الإبادة الجماعية إلى جمهورية أوغندا التي دعمت الأخيرة عسكريا ليسيطروا لاحقا على رواندا وعاصمتها ولم تخلوا المرحلة من العمليات الانتقامية
هزيمة الهوتو أفسحت المجال لدخول البلاد لمرحلة جديدة بدأت بتشكيل حكومة انتقالية والسير في خطوات تمكين العدالة الانتقالية
ولأن العدالة الانتقالية لا تعني الإفلات من المساءلة والتنصل من العقاب أنشئت محكمة رواندا الدولية بطلب من حكومتها لمحاسبة المسؤولين عن ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية
على الصعيد الداخلي المحلي أنشئت في كل قرية تقريبا محكمة محلية أهلية هدفها إدانة المجرمين وتكريم الضحايا وتحقيق مفهوم المصالحة الوطنية بناء على ذلك
التجربة المميزة في المحاكم الوطنية أنها جرت خارج إطار القضاء بين القتلة والناجين بشكل مباشر
اعترف القتلة أمام مجتمعاتهم بالجرائم وطلبوا من الضحايا الصفح والمغفرة والهدف الأساس ترسيخ مناخ مناسب للعيش المشترك والمستقبل الآمن
حققت هذه المحاكم ما يسمى بالعدالة التعويضية وجرت في أجواء حميمية ساهمت في نسيان الماضي الدموي والتفكير بالسلام
انتقلت أوغندا وبشكل موازي لعملية المصالحة إلى عملية البناء والتنمية على كافة الصعد والمجالات
اليوم وكنتيجة لإجراءات العدالة الانتقالية تعد العاصمة الرواندية كيغالي أكثر المدن الأفريقية أماناَ وجاذبية وجمهورية رواندا في مقدمة الدول النامية والأكثرها تطورا.